عدد المساهمات : 1081مجموع النقاط : 7104بـلـدي : هوايتي : المهنة : الحـالة : إحترام قوانين المنتدى : الأوســمة :
. :
. :
موضوع: أوعى تكون كدا...كون كدا 2010-06-29, 3:25 am
يا ابن آدم،
كن ممن يعرف مكانه جيداً ولزم حده دوماً،
ولا تكن ممن مد عينيه إلى الأعلى مدعياً ما ليس فيه،
فمن حيث بدأ الكمال ابتدأ النقص،
وأول ما وضعت قدمك في درجة الكمال فقد ابتدأت رحلة النقائص والأخطاء
يا ابن آدم،
وجهان لكل عملة،
زاويتان لكل أمر،
ما يراه الناس في سواك كل الإيجابية،
سيرونه فيك أنت كل النقص !!
لا يعني هذا أن تدع الطموح المترافق مع السعي الدؤوب،
فوصولك إلى الأمر باجتهادك فرض احترامك وادعاؤك له تقليد لسواك،
ولو نجحت فيه حيناً إلا أنك ستفشل حتماً ذات يوم من متابعة اللعبة،
فلا تقف موقف المتألم لحظتها،
فأنت من أتيت لنفسك بصدمة لا لزوم لها
انظر إلى هذا الرجل،
أتى ابن سيرين متلهفاً مستبشراً،
يقول (يا ابن سيرين رأيت في المنام أني أؤذن)،
بشره ابن سيرين بالحج بإذن الله تعالى،
فليكن مثالك كمثال هذا الرجل الذي بشره الله تعالى في المنام بنعمة أداء الحج،
ولا يكن مثالك كمثال ذلك الرجل الذي أسرع يدعي الأمر ذاته ليري الناس أنه كالرجل الأول،
فقال (يا ابن سيرين رأيت في المنام أني أؤذن)،
فأخبره ابن سيرين أن هذا يعني كونه سارقاً !!!!
كن في دينك متمسكاً قوياً،
ولا تكن فيه متنطعاً متقعراً،
لا تكن ممن يدعي لنفسه الطهر والتقوى،
وكن ممن هو طاهر تقي بحق،
فهذا الإنسان يحبه الله تعالى،
ونقيضه يخادع نفسه ويحتقره الناس،
فهذا من أتى الشعبي يوماً يقول له:
)يا إمام إني قمت من نومي على غير طهارة وليس عندي ما أدفىء به الماء، فغمست نفسي في النهر البارد مرة وثانية وثالثة، ولكني -ولأني أخاف الله- لا أرى أني تطهرت بعد، فما العمل)؟؟
هذا شاب ادعى لنفسه المبالغة في طهارة لم يأتِ بها دين الإسلام،
وأراد إخبار الجميع بأنه طاهر متطهر تقي،
إلا أن الإمام طلب منه الرجوع من حيث أتى والنوم دون أن يصلي !!
وما ذلك إلا لأن من يتغمس في النهر ثلاثاً ويكون على شك في طهارته،
ما هو إلا إنسان مجنون فعلاً والمجنون غير مكلف بأية حال كانت !!
فلا تدعي ما ليس فيك أيها الإنسان وإلا كانت العاقبة وخيمة عليك وبحق
يا ابن آدم،
كن ممن تبصر بما أمامه وما حوله،
ولا تكن من العجولين المتسرعين في إصدار الأحكام على الآخرين،
فمن يدري لعل أمراً يثير منك الاستغراب وأنت تقوم به وإن كنت لست منتبهاً،
كن لنفسك محاسباً فتسلم وتغنم الرضى من ربك فيرضي عليك الناس إن شاء،
ولا تكن ممن يحاسبون الآخرين على تصرفاتهم في كل صغيرة وكبيرة بدعوى الإصلاح،
فمن يدري لعل موقفاً تستنكره ينقلب عليك لقيامك به !!
كن ممن يلاحظون أفعالهم،
ولا تكن ممن يسعى خلف أفعال الناس،
فلكل الناس نقائصها وزلاتها، وإنما
لعلك حين تلاحظ نقص أحدهم،
تكون أنت في نفس النقص واقعاً،
فيرتد الأمر عليك وينقلب الموقف فوق رأسك أنت،
كن كمثل أحد الرجلين في المثال هنا ولا تكن كمثل الرجل الآخر فيه،
حين التقيا في وقت مبكر جداً فهتف أحدهما في وجه زميله (حق لي أن أقول سبحان الله !! أو تخرج في هذا الوقت المبكر يا هذا)؟؟
فرد الآخر بهدوء: (أتشاركني فعلتي ثم تنفرد بالاستعجاب يا هذا)؟؟؟
كن كأحدهما ولا تكن كال....آخر !!
ولك أن تختار بينهما من تشاء أيها الإنسان
كن ممن يستفهم مما أثار استنكاره من أفعال الآخرين،
ولا تكن ممن يتعجلون إصدار أحكامهم فيها والهزء من أصحابها،
فلربما أنكرت فعلاً بدا لك مستهجناً بكل معانيه،
ولو سمعت تبريره قبل الإنكار لرأيت صاحبه محقاً،
فليكن مثالك كمثال الإنسان الواعي الذي يبحث عن الأسباب قبل إصدار الأحكام،
ولا يكن مثالك كمن رأى أعمى يحمل جرة ماء ومصباحاً ينير الطريق،
فسخر منه وبه استهزأ ألا نفع من مصباح ونور لعميان البصر،
فرد الأعمى أنهما ينفعان عميان القلب لئلا يصطدموا به في الظلمة فيسقطوه أرضاً ويكسروا جرته !!
كن أمام الصدمات جبلاً راسخاً في وجه الرياح ولو تألمت فاكتم الألم،
على الأقل اكتمه عن أعين الشامتين الحاقدين،
ولا تكن ممن يظهرون آلامهم لمن تعرف ومن لا تعرف،
لأن في هذا إنقاص منك واضح لقدرك
كن أمام مواقف الحرج بارداً شديد الهدوء،
مهما بلغ إحراجك في نفسك وتألمك من موقف صعب قاس،
كن هنا ممن يكبتون انفعالاتهم أمام من وضعوك في هكذا موقف ليتسلوا بكرامتك،
ولا تكن ممن يظهرون حزنهم وألمهم ويبدأون التباكي والاستعطاف،
فبذلك أهنت كرامتك أمام من لا يقيم لها أدنى وزن أو أي اعتبار
كن كمثل ذلك الإمام الذي خلع جبته ونزل يتوضأ،
فلما عاد ولبسها وصعد المنبر ليخطب بدأ الناس يتغامزون ويضحكون،
ويختلسون النظرات إلى أحدهم بالتحديد ممن يكبت الضحك ولا يكاد يقدر،
فانتبه الإمام إلى رسم لوجه حمار على جبته،
كن مثله إذ رفعها عالياً أمام الأعين ليرى الكل وجه الحمار المرسوم،
وهو يهتف في مرح: {انظروا إلى المعجبين بي، قد تمسح بعضهم بجبتي بقوة}!!
فارتد الكيد على الكائدين وانقلبوا مغيظين فاشلين،
كن مثل الإمام في هذه الحالة،
ولا تكن كمثل ذلك الذي رسم وجه الحمار على جبة الإمام،
فقد انقلبت الشماتة به وانهانت كرامته هو من حيث أراد ذلك لسواه