المجالس العلمية حول الوصايا العشر في كلام خير البرية
كاتب الموضوع
رسالة
عــــــــابر سبيل المدير العام
عدد المساهمات : 1452مجموع النقاط : 7362بـلـدي : هوايتي : المهنة : الحـالة : إحترام قوانين المنتدى : الأوســمة :
. :
. :
موضوع: المجالس العلمية حول الوصايا العشر في كلام خير البرية 2009-01-14, 8:55 pm
المجلس الرابع:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له .ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أما بعد:
تابع الإحسان إلى الوالدين
تكلمنا في المجلس الماضي من المجالس العلمية عن الوصية الثانية من الوصايا العشر وهي الإحسان إلى الوالدين وبرهما وذكرنا النصوص التي تدل على عظم حقهما ووجوب الإحسان إليهما
ومن تمام الكلام عن الإحسان إلى الوالدين أن نتكلم عن وجه آخر من وجوه الإحسان وهو برّ أصدقاء الوالدين بعد وفاتهما فقد روى أبو داود عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله هل بقي من برّ أبوي شيء ابرهما به بعد موتهما ؟ فقال نعم :" الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما"وهذا الحديث قد ضعفه الإمام الألباني رحمه الله إلا أن فقراته جاءت صحيحة في أحاديث أخرى صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر بصلة الرحم مشهورة نصوصه وسن التعامل مع أصدقاء الوالدين ص فيه حديث عند مسلم
فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن حق الوالدين لا ينته بالوفاة ولكنه مديد موصول حتى بعد وفاتهما وذكر من صور الإحسان إلى الوالدين في الحياة
الصلاة عليهما الاستغفار لهما:
المقصود بالصلاة عليهما الدعاء لهما بعد الموت فان الصلاة تأتي بمعنى الدعاء كما قال الله جل وعلا آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فمعنى صلّ عليهم أي ادع لهم وقد بوب مسلم رحمه الله باب الدعاء لمن أتى بالصدقة وذكر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول عند أخذ الصدقة اللهم صل على فلان فالمقصود الدعاء والدعاء للوالدين بعد الوفاة من أعظم البر بل هو من العمل المتصل لهما بعد دخولهما القبر كما جاء في سنن الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:"ِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ"
الاستغفار لهما من الدعاء وهو طلب المغفرة لهما فهو دعاء بل اخص من جهة نوع المطلوب وقد جاء عن نبي الله نوح عليه السلام أنه دعا بقوله رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما
كذلك مما بينه الحديث من الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما والرحم هم أقارب الإنسان من ورثته وعصبته وصلة الرحم معناها عدم قطع التواصل بين هؤلاء مع حسن المعاملة بطلاقة الوجه والابتسامة والتعاون ولو بالمال فصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما المقصود بها أن لا ينقطع الإنسان عن أقاربه الذين تربطهم رابط من جهة الأب أو الأم كالأعمام والأخوال وقد أمر الله جل وعلا بصلة هذه الرحم على لسان رسوله صلى الله عيه وسلم كثيرا ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم .أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى قال فلك ذلك .ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرؤوا إن شئتم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )"
وفي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله"
هذا ويجدر التنبيه أن الرحم قد تطلق على أعم من القرابة فهناك رحم الدين تربطك بكل من شهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله وصلتها معناها ملازمة المحبة لهم ونصرتهم والنصيحة لهم وترك مضارّتهم والعدل بينهم والقيام بحقوهم قال سبحانه وتعالى وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ومن حق المسلم على المسلم أن يبدأه بالسلام ويعوده في مرضه ويشمته إذا عطس فحمد الله ويتبع جنازته وينصحه إذا استنصحه
ثم اعم أخي في الله أن حقيقة الصلة ليس المجازاة ورد المثل وإنما الصلة أن تجاهد نفسك في وصل من قطعك مبتغيا وجه الله غير مبال بتعامل الغير معك فقد جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها"
وإن كنا نتكلم عن خصوصية الإحسان إلى الوالدين وبيان أوجهها إلا أنه يحسن إتماما للكلام أن نذكر فضل صلة الرحم من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه انه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" فهاتان بشارتان للواصلين أرحامهم زيادة على أجر الإحسان إلى الوالدين بهذه الصلة فلهما سعة الأرزاق والبركة في العمر نسال الله أن يبارك لنا في نعمه ويبسط لنا في رزقه ويجعلنا من الواصلين أرحامهم البارين بآبائهم وأمهاتهم البالغين رضوان ربهم اللهم آمين
إكرام صديقيهما
من أوجه الإحسان إلى الوالدين كذلك بعد وفاتيهما إكرام أصدقائهما, فعَنِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ أحَبَّ أنْ يَصِلَ أبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إخْوَانَ أبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ.ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأسمى في رعاية حسن العهد والبر والإحسان إلى أصدقاء من كان يحب ففي الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة رضي الله عنها وما رأيتها قط .
ولكن كان يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في أصدقاء خديجة وفي رواية كان إذا ذبح الشاة يقول : أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة
وهكذا تربى الصحابة رضي الله عنهم ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا من الأعراب لقيه بطريقة مكة , فسلّم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه .قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير. فقال ابن عمر ك إن هذا كان ودّا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إنّ أبر البرّ صلة الرجل أهل ودّ أبيه"
فهذا الوفاء للوالدين من الإحسان لهما مبينا في حسن التعامل مع أصدقاء الوالدين
يــتبع...........
غزة الجريحة .
عدد المساهمات : 134مجموع النقاط : 5722بـلـدي : هوايتي : الحـالة : إحترام قوانين المنتدى : الأوســمة :
. :
. :
موضوع: رد: المجالس العلمية حول الوصايا العشر في كلام خير البرية 2009-02-25, 11:42 pm