قضية القمني تعيد إنتاج تساؤلات بدايات القرن العشرين
كاتب الموضوع
رسالة
Djoozeff .
عدد المساهمات : 7مجموع النقاط : 5426بـلـدي : هوايتي : إحترام قوانين المنتدى : الأوســمة :
. :
. :
موضوع: قضية القمني تعيد إنتاج تساؤلات بدايات القرن العشرين 2009-08-03, 2:28 pm
ة: "هؤلاء بشر مهمتهم تخريب البلد"، بهذه العبارة المريرة إختزل روائي مصري بارز مخاوف النخبة الثقافية في مصر من تنامي المد الأصولي على نحو غير مسبوق من قبل، وتجلت مظاهره في تلك الحملة الشرسة الخرقاء التي أثارها فوز الباحث المصري سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية، لتعيد إنتاج تساؤلات سبق أن طرحت في مطلع القرن العشرين، حين بدأ الصراع بين التيار المستنير من جهة، ومن جهة أخرى التيار السلفي على تنوع مشاربه، في سياق حرية الفكر والعقيدة والبحث العلمي والإبداع، ومن هنا طرحت " إيلاف " في استفتائها الأخير سؤالاً لقرائها عما إذا كانوا يؤيدون الرقابة الدينية على إنتاج الكتّاب؟
وجاءت النتائج مطمئنة إلى حد كبير لهؤلاء الذين يؤرقهم "قلق مشروع"، على مستقبل الثقافة المصرية، في ظل الإلحاح على قضايا تخيل الكثيرون أنها قد حسمت منذ أيام الإمام محمد عبده، والدكتور طه حسين، وعباس العقاد وغيرهم من "آباء التنوير" في المجتمع المصري، الذي شكل حينذاك منصة إقليمية لإطلاق الحريات العامة، وفي القلب منها حرية التفكير والإبداع، ولكن ها هي المعضلات ذاتها تعاود الظهور مجددًا، وعلى نحو يستخدم فيه الإعلام الجديد من فضائيات وشبكة الإنترنت، وحتى منابر المساجد ضد المجتهدين، الذين يتخذ منهم المد السلفي أهدافًا، لترسيخ سلطة طبقة جديدة من الكهنوت الذي لا يعرفه الإسلام بالأساس، لكن هذه الطبقة لها مغانم من وضعيتها التي تسعى لفرض الوصاية على المجتمع.
انحاز قراء "إيلاف" الذين شاركو بالتصويت في الاستفتاء على نحو حاسم لصالح عدم الموافقة على فرض قيود دينية أو رقابة من قبل "مؤسسات القداسة على الفكر ممثلاً في إنتاج الكتاب تأليفاً ونشراً، إذ اختارت غالبية ساحقة قوامها (2330) شخصاً يشكلون نسبة 68% من بين المشاركين، الانحياز للموقف الرافض لفرض الرقابة الدينية.
في الجانب الآخر من هذا المشهد المحتقن وقفت نسبة تشكل أقلية، لكن لا يستهان بها، إذ بلغت نحو 30 في المئة أيدت فرض الرقابة الدينية على الفكر ممثلاً في عملية إنتاج الكتاب تأليفًا ونشرًا، وهذا يؤشر لبزوغ نتائج مجتمعية لتنامي المد الأصولي في المحيط العربي، الذي أخشى أنه أوشك أن يسلم مقاليد رأسه لهذا التيار الممعن في فاشيته رافعاً راية الدين، مع أن الإسلام كان منذ أن بشر به ودعا إليه الرسول محمد (ص) ديناً تقدمياً، يجعل من الحرية العقدية مسألة لا تحتمل الجدل ولا التأويل، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، بالنظر إلى أن الله تعالى هو وحده الذي سيحاسب خلقه على أفعالهم ومعتقداتهم وظلت نسبة المتأرجحين الذين اختاروا الإجابة بـ "لا أدري" عند معدلاتها المعتادة، وهي اثنان بالمائة فقط من بين مجمل المشاركين في استفتاء "إيلاف" الأخير.
حملات التجريس
ورصدت أحدث تقارير أحوال الصحافة في المنطقة زيادة هائلة في حجم الضغوط التي يمارسها الأصوليون الإسلاميون ضد حرية الثقافة والإبداع في العالم العربي، خصوصا في دول المشرق حيث يتعاظم نفوذ تنظيمات الإخوان المسلمين والتيارات التي تتماهى معها فكرياً، ولو لم تكن منخرطة تنظيمياً في صفها.
ومن أهم الملامح التي رصدتها تلك التقارير التي أعدتها منظمات حقوقية ونقابات مهنية أن الحكومات في عدد من الدول العربية لجأت إلى مهادنة الأصوليين على حساب الكتاب والمفكرين. فالأصوليون باتوا يملكون تنظيمات مسلحة في دول مثل العراق والجزائر واليمن ومصر ويتمتعون بنفوذ قبلي في دول أخرى كالأردن والكويت، وهم أخطر على الدولة من المثقفين الذين لا يملكون سوى أقلامهم أو حناجرهم أو حتى فرشاة الألوان التي يستخدمونها في إبداعاتهم.
ويبدو أن "شيوخ الحسبة" لا يقبلون بالتنازل عن رغبتهم الملحة في ممارسة الوصاية على المثقفين والفنانين، بملاحقتهم قضائياً تارة، أو من خلال حملات التشهير و"التجريس" تارات أخرى، والاستئساد عليهم بتحريض الغوغاء، وإصدار فتاوى بتكفيرهم وإهدار دمهم، وهنا يرى الكاتب الصحافي صلاح عيسى أن تكرار هذه الأزمة يؤكد علي وجود قطيعة بين التيار الإسلامي المبدعين، والمؤشر على ذلك هو تعدد الصدامات بين الجانبين، وتركزها على قضايا تتعلق بأبحاث علمية ونصوص إبداعية وأفلام سينمائية فضلاً عن معاداة كل الفنون التشكيلية، والدليل على ذلك أنه لا يوجد بين صفوفهم شاعر كبير ولا روائي.
وظلت وزارة الثقافة في مصر تقود المواجهة ضد الأصوليين، وكثيرًا ما احتدم الصراع بينهما عبر وسائل الإعلام، حتى وصل إلى ساحات القضاء ومنصة البرلمان، وأصدرت الوزارة سلسلة "القراءة للجميع" برعاية السيدة الأولى في مصر قرينة الرئيس مبارك، كما أصدر المجلس الأعلى للثقافة سلاسل التراجم وعيون الثقافة الرفيعة، وتعرض المسؤولون عن هذا التنوير خصوصًا سمير سرحان وجابر عصفور للكثير من حملات التشويه والهجوم بسبب الانحياز إلى حرية التعبير وتقليص رقابة وسلطات المؤسسات الدينية (الرسمية والشعبوية) على المفكرين والمبدعين والفنانين والأدباء.
ووصل الأزهر منذ عقدي السبعينات والثمانينيات من القرن المنصرم إلى ذروة نفوذه، وأصبحت لمجمع البحوث سلطة "الضبطية القضائية" لما يراه مخالفا للحالمين بإقامة دولة دينية، إذ تخول هذه السلطة للشيوخ نفوذا لدى دوائر الأمن، وبدا هذا واضحاً في ملاحقاتهم لعشرات الباحثين والروائيين والشعراء.
ونجح الأزهر بهذا النفوذ في مصادرة كتب المستشار سعيد العشماوي في معرض الكتاب وهو مشهور برؤاه المستنيرة في مواجهة الفكر الأصولي، وأدت معركة المصادرة هذه إلى توضيح الأساس القانوني لدور الأزهر وأهمية تصحيح الموقف، ومن هنا كان تأكيد الرئيس المصري على انه لا مصادرة إلا بحكم قضائي، وقبل ذلك حدد القانون 102 لسنة 1985 دور مجمع البحوث في مراجعة المصحف والأحاديث النبوية، ليقلص اختصاصات المجمع المنصوص عليها في المادة 40 من لائحة قانون الأزهر والتي تجعل ولاية المجمع بالمصادرة والسماح عامة على كل المؤلفات التي تتعرض للإسلام.
دموع الورد ...
عدد المساهمات : 702مجموع النقاط : 6319بـلـدي : هوايتي : الحـالة : إحترام قوانين المنتدى : الأوســمة :
. :
. :
موضوع: رد: قضية القمني تعيد إنتاج تساؤلات بدايات القرن العشرين 2009-08-08, 9:48 am
شكرا لك على المشاركة الرائعة يعطيكككككك الف عافية تسلمممممممممممممممممممممممممم
قضية القمني تعيد إنتاج تساؤلات بدايات القرن العشرين