المجالس العلمية حول الوصايا العشر حول كلام خير البرية

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيّئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضلّ له .ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد انّ محمدا عبده ورسوله
أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليهخ وسلم, وشرّ الأمور مدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضالة
هذا المجلس الثالث من المجالس العلمية حول الوصايا العشر في كلام خير البرية واليوم نتكلم فيه عن الوصية الثانية وهي:

الوصية الثانية الإحسان إلى الوالدين

جعل الله عزّ وجل الإحسان إلى الوالدين ثاني الوصايا بعد الكلام عن ح الله جل وعلا ليبين مكانة الإحسان إلى الوالدين عنده سبحانه وعظيم حقهما, والمتصفح لآيات الكتاب العزيز يجد اقتران ذكر حق الوالدين ب الله كثير كما ي قوله جل وعلا في سورة الإسراء (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24))فعطف سبحانه ذكر الوالدين على الوصية بتوحيده فأوصى العباد بعبادته وحده وأوصاهم كذلك بالإحسان إلى الوالدين :أي أحسن لهما في المعاملة ووضح في سياق الآية كيف يكون هذا الإحسان فقال : إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ أي لا تكلمهما بتبرم وثقل على النفس يظهر ذلك التبرم ي التأفف عند الحوار وهذا تنبيه منه جل وعلا بالأدنى على الأعلى وبالنهي عن التأفف عن النهي عما هو أشد من ذلك ثم قال: وَلَا تَنْهَرْهُمَا فلا تخاطبهما بشدة وجفاء ولا تكن في كلامك معهما بأسلوب الآمر الناهي بشدة بل عاملهما باللطف والرفق والتواضع والقول اللين الحسن المحبب إلى القلوب وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ واللطف مع الكلام الحسن واللين في المعاملة والرق اتمم ذلك بالدعاء لهما بالمغفرة والرحمة وينبهنا الله جل وعلا عند الدعاء لهما بتذكر نعمة الوالدين خاصة في مرحلة من حياة الإنسان وهي الصغر

فمن سهر عليك الليالي وأنت تبكي ومن أطعمك وأنت جائع ومن جلب لك ما ينفعك ورد عنك ما يضرك بل من سهر على تربيتك وتعليمك النطق والكلام والآداب الحسنة حتى قوي فكك على الأكل وساعدك على الأخذ والعطاء والرجلين على المشي والفكر على النباهة كل تلك المرحلة التي طالما غفل الإنسان عنها إنما كان الساهران عليه والداه سخرهما الله وقذف في قلوبهما الرأفة والرحمة به فجدير به ان يحسن ويدعوا لهما بالرحمة والخير وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)

وكذلك في سورة لقمان يوصي الله ج وعلا المسلم بوالديه فيول سبحانه وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)) وصية من الله جل وعلا رب العالمين وعهد منه للإنسان أن يراعي حق والديه أن يحفظ لهما حقهما ويبرهما ولا يعقهما وينبه الله جل جلاله كذاك عن سبق الوالدين بالخير للولد حتى يرد الكريم الخير بمثله ولا يكن لئيما بمقابلة إحسان الوالدين بالعقوق ويذكر الله جل وعلا الإنسان بمرحلة من حياته حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ مرحلة عاشها الإنسان ولا يذكر منها شيئا مرحلة كان يحتاج إلى الطعام فيطعم ويحتاج لوقاية فهو محفوظ في رحم أمه لا يصله ضرر ولا يمتنع عنه رزق ينمو ويكبر شيئا فشيئا وهو لا يشعر بكل ذلك لكنّ أمه ساهرة عليه تشعر بألمه فتسعد بقدومه تتلمسه بيد الحنان وهي تدعوا له بحفظه مع التعب والضعف والوهن, لو تذكر الإنسان هاته المرحلة حقا لعرف لامه حقها ويزيد الله سبحانه الإنسان تذكيرا وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ حتى لما خرجت إلى هاته الدنيا عبد الله فكذلك رحمك الله بوجود أم عطوف رحيم ترضعك وتنظفك وتسهر عليك حولين كاملين

إن هذه النعمة من الله على الابن أن جعل له والدان يسهران عليه وهذا السهر والتعب من الوالدين ليستحق الشكر من الإنسان لذاك قال الله جل جلاله : أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ اشكر الله سبحانه على نعمة الصحة والعافية ونعمة تسخير الوالدين وشكره يتحقق بعبوديته سبحانه وإفراده بالعبادة وكذلك يتحقق بوضع هذه النعمة في مرضاته فلا تكفر النعمة بالعقوق بل احرص على البر واشكر للوالدين كذلك على نعمة السهر والعناية بالبر والإحسان وعدم العقوق

قال ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث آيات في كتاب الله قرنت بثلاث لا يقبل الله واحدة إلا مع قرينتها وذكر منها هذه الآية : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ )ثم نبه الله المقصرين وتوعد الكافرين للنعمة بالعقوق والعصيان مذكرا لهم بيوم الحساب والوقوف بين يديه سبحانه إِلَيَّ الْمَصِيرُ )

ثم بينّ الله سبحانه مراتب الحقوق والأولى بالتقديم عن التعارض وأشار إلى حق الوالدين بصورة أخرى فقال وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) فإن تجرأ هذان الوالدان على امر الولد بالمنكر والمعصية وذكر أعظم ذنب ليظهر عظم حقهما , لو أمرا الابن بالشرك بالله جل وعلا فلا ينبغي أن يطيعهما فيذلك مع علو قدرهما لان طاعة الإنسان مشروطة بالمعروف كما قال عليه الصلاة والسلام : (إنما الطاعة في المعروف ) فإذا دعاك الوالدان إلى المعصية فلا تطعهما , ولكن لا تغفل عن المعاملة الحسنة وحفظ الحق لهما فصاحبهما في الدنيا معروفا فلا تعارض بين طاعة الله وعبادته ومعاملة الغير بالمعروف وخاصة الوالدين (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وهم المؤمنون باللّه، وملائكته وكتبه، ورسله، المستسلمون لربهم، المنيبون إليه.

وإتباع سبيلهم، أن يسلك مسلكهم في الإنابة إلى اللّه، التي هي انجذاب دواعي القلب وإراداته إلى اللّه، ثم يتبعها سعي البدن، فيما يرضي اللّه، ويقرب منه.

{ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } الطائع والعاصي، والمنيب، وغيره { فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فلا يخفى على اللّه من أعمالهم خافية.

فهذه الآيات تبين حق الوالدين ووجوب المحافظة عليه بالإحسان في المعاملة والتلطف في العبارة والدعاء وحسن المعاشرة

والسنة كذلك غنية بالتوجيه في هذا الأمر وتوكيده من ذلك ما جاء ي سنن النسائي ومسند احمد وأصله في صحيح مسلم أن رجلا جاء غلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أردت الغزو وجئت أستشيرك .

جاء يستشير النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد وهو ذروة سنام الإسلام جاء يستشيره في الخرج في سبيله يبتغي بذلك رضوان الله والجنة وقد لا يرجع من الجهاد فيكون شهيدا بإذن الله

فقال له الرسول : صلى الله عليه وسلم ":هل لك من أم" ؟ قال نعم. قال "فالزمها فإنّ الجنة تحت قدميها" فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى باب من أبواب الجنة قد يغفل عنه الكثير من الناس وهو بر الوالدين إذا كنت تستشير في الجهاد لأنك تريد رضوان الله وتستشير في الجهاد لأنك تسعى وراء الجنة فهاهي الجنة تدخلها بطاعة أمك ورضاها وهاهي الجنة في بيتك تدخلها بإرضاء والدتك وفي هذا التوجيه بيان من النبي صلى الله عليه وسلم لعظم حق الوالدين وعظم الأجر المرتب على طاعتهما إذ انه عليه الصلاة والسلام صرف السائل من الجهاد إلى بر الوالدين

ويصلح هذا التوجيه النبوي أن يكون توجيها للكثير من شباب اليوم أقصد الشباب المستقيم على الطاعة المتمسك بالسنن والمحافظ على المستحبات بل قد نجد في يعضهم شدة في التمسك بالمستحبات لكنه في معاملته لوالديه تجد الجفاء وتجد الشدة في المعاملة فنقول هل تريد بالسنن والمستحبات الجنة فهاهي الجنة تحت أقدام الأمهات فابدأ بباب الجنة الذي في بيتك

وقد جاء في رواية مسلم قال عليه الصلاة والسلام:" أحيّ والداك" قال نعم : قال : "ففيهما فجاهد"

فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى سبل الخير وأبواب الجنة التي قد يغفل عنها الإنسان ونبه عليه الصلاة والسلام بقوله ففيهما فجاهد إلى أن بر الوالدين يحتاج مجاهدة نفس ومصابرة فقد تجد من والديك شدة لقلة علم وقد تجد من والديك مخالفة لفكرك أو عدم فهم توجهك وأنت عليك أن تتمسك بالدين وتحافظ على الاستقامة ومع ذلك عليك أن تراعي حق والديك في معاملتهما والصبر على مخالفتهما وقهر النفس على عدم مجادلتهما وكل هذا جهاد وأي جهاد نسال الله أن يرزقنا التوفيق وان يجعلنا من البارّين بوالدينا فكل من الصبر على الطاعة

وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم :أي العمل أفضل : قال:"الصلاة لوقتها" قلت: ثم أيّ؟ قال"بر الوالدين" قال : قلت ك ثمّ أيّ؟ قال :" الجهاد في سبيل الله" قال ابن مسعود رضي الله عنه سالت حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني

فهذه النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين حق الوالدين وتأكيد المحافظة عليه بالبر والطاعة في المعروف

ويبين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم حق الوالدين بأسلوب آخر كما في المستدرك للحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين" فانتبه عبد الله إلى هذا الحديث جيدا ولا تغفل عن محتواه فإن في بيتك سبيل الى الجنة او طريق غلى النار نسال الله الجنة ونعوذ به من النار

فاغتنم سبل الخير واجتهد في خدمة والديك واحصل على رضاهما تنل الفوز العظيم وخاصة الأم فإن لها مزية خاصة وحقها في المصاحبة أوكد لما جاء في حديث أبي هريرة في الصحيحين قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بصحبتي ؟ قال : "أمّك" قال : ثم من؟ قال :"أمّك" , قال ك ثم من؟ قال : "أمّك" , قال ثم من؟قال: "أبوك"

فيا بشرى من أدرك والديه أو احدهما فاجتهد بل وجاهد نفسه في طاعتهما وبرهما وحسن معاملتهما وصحبتهما فقد فاز برضوان الله والجنة وليعلم الإنسان إن وجود احد والديه معه بالبيت نعمة من الله ومنّة فلعله بخدمتهما يبلغ الدرجات العلى في الجنة وإياك عبد اله والتقصير في ق والديك فإن الغبن كل الغبن ان تعيش معهما فترة من الزمن ولا تكن من الفائزين برضاهما ورضوان الله رب العالمين فلذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من هذه حاله فروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر احدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة " رواه مسلم نعوذ بالله من الخذلان ونسأله سبحانه التوفي والسداد

فاجتهد عبد الله في طاعة والديك والإحسان إليهما واعلم أن ذلك جزء يسير ترده من الخير الذي بذلاه لك لكن أحسن إليهما وابتغ بذلك رضوان الله تفز بجنات النعيم رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يطوف بالكعبة حاملا أمه على كتفيه يطوف بها فقال ك يابن عمر أتراني جزيتها ؟ قال لا. ولا طلقة . ولكنك أحسنت والله يجزيك على القليل كثيرا

توقيع عــــــــابر سبيل

إن هذه النعمة من الله على الابن أن جعل له والدان يسهران عليه وهذا السهر والتعب من الوالدين ليستحق الشكر من الإنسان لذاك قال الله جل جلاله : أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ اشكر الله سبحانه على نعمة الصحة والعافية ونعمة تسخير الوالدين وشكره يتحقق بعبوديته سبحانه وإفراده بالعبادة وكذلك يتحقق بوضع هذه النعمة في مرضاته فلا تكفر النعمة بالعقوق بل احرص على البر واشكر للوالدين كذلك على نعمة السهر والعناية بالبر والإحسان وعدم العقوق

جعلنا الله من الشاكرين لهذه النعمة.
شكرا لك عابر سبيل

توقيع غزة الجريحة

الوالدان..وما أدراك ما الوالدان

الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان..

الوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق..

فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد..

ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد..
اخي لو جمعنا الدنيا ومافيها في كفة والولدين في كفة اكيد رح ترتفع الكفة التاني
شكرا لك ولكل الولدين
جزاك الله خيرا

توقيع دموع الورد